في عام 2011 حدثت مجاعة في منطقة القرن الإفريقي الذي يتكون من عدة دول: إثيوبيا والصومال وجيبوتي.
فبعد موسمين، شحَّت فيهم الأمطار، وجفت الآبار، ويبست النباتات، ونفقت الحيوانات، ترك الناس قراهم واتجهوا إلى أقرب المدن لهم، خرجوا يتتبعون سراب الصحراء ليصلوا إلى قطرات من الماء أو قليل من الغذاء.
في طريقهم للنجاة بأنفسهم، فقدوا عدداً منهم، قال قائل منهم: مشينا قرابة 350 كيلو متر حتى نصل إلى المركز الإغاثي.
لم يكن الوضع يحتمل التأخير، قمنا بتجهيز معداتنا وأدواتنا بشكل سريع، سافرنا لتوثيق الوضع الإنساني، وواقع المجاعة في الصومال.
لم تكن الرحلة إلى مقديشو قصيرة، الإجراءات الأمنية المشددة في المطار تجعل الشخص يعيد التفكير ويراجع حساباته ..!!
ما إن خرجنا، حتى توجهنا مباشرة إلى إحدى مراكز توزيع الغذاء على النازحين، كان المشهد العام دون مبالغة كأنه أحد مشاهد فيلم (بلاك هوك داون)، رائحة الدخان عالقة في الأجواء، وآثار إطلاق الرصاص الكثيف على الجدران، كان أشبه بحلم.
في اليوم التالي زرنا مستشفى "بنادر" في مقديشو، وجدنا العديد من الأجنحة وقد ازدحمت بالأطفال المصابين بسوء التغذية الحادة، ولم يعد المستشفى قادراً على استيعاب المزيد من الحالات.
رطوبة المستشفى، اللون الأخضر على الجدران، البكاء والأسى يملآن المكان :
في الزاوية، أمٌّ تجهش بالبكاء على طفلها الذي لفظ أنفاسه الأخيرة، وأب واهن القوى، شارد الذهن يحمل ابنته التي أدخل أنبوب التغذية عن طريق الأنف.
هنا، قد تصعقك ذاتك، وتُصدم بصلابة قلبك، فيُهيأ إليك أنك لست بإنسان إذا لم تتأثر بالمأساة، لكنني تعلمت أن هذا ما يجب أن أقوم حتى أتمكن من مساعدتهم.